صندوق النقد العربي يتوقع وصول حجم التمويل المستدام عالميا إلى 1.4 تريليون دولار في عام 2028
ألقى الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع الثاني لشبكة التمويل الأخضر والمستدام في الدول العربية، المنعقد “عن بعد” يوم أمس الموافق 28 أغسطس 2023 وتستمر أعماله حتى اليوم.
شارك في الاجتماع ممثلين من المصارف المركزية ووزارات المالية والبيئة والطاقة وهيئات أسواق المال في الدول العربية. كما شارك في الاجتماع عدد من الخبراء والمتحدثين من المؤسسات الإقليمية والدولية الشريكة، مثل: بنك التسويات الدولية، وصندوق النقد والبنك الدوليين، ومؤسسة التمويل الدولية، ومجموعة البنك الاسلامي للتنمية، والوكالة الدولية للطاقات المتجددة، وشبكة تخضير النظام المالي العالمي، وصندوق تمويل المناخ التابع للأمم المتحدة، والمنظمة الدولية لهيئات الاسواق المالية، واتحاد أسواق المال العربية، وسوق أبوظبي العالمي.
أكد في كلمته، أن شبكة التمويل الأخضر والمستدام في الدول العربية تعتبر مبادرة ومنصة لتبادل التجارب والخبرات ونقل المعرفة والتنسيق في مواضيع التمويل المستدام، للمساهمة في مواكبة تطوّر الأنشطة والخدمات المالية والمنتجات الخضراء والمستدامة، إضافة إلى تعزيز الوعي بقضايا التمويل المستدام وإدارة مخاطر تغيرات المناخ.
كما تمثل فرصة لصناع القرار المالي في الدول العربية لاستكشاف الحلول، وتبادل أفضل الممارسات، وتحفيز الاستثمار في المشاريع المتوافقة مع الأهداف البيئية والمجتمعية.
أوضح أن الانتقال نحو التّمويل الأخضر والمستدام، يعد توجهاً استراتيجياً يربط القطاع المالي بعملية التحوّل نحو اقتصادات منخفضة الكربون وذات الكفاءة في استخدام الموارد، مشيراً أن ذلك يدعم انتقال تدفقات رؤوس الأموال إلى الشركات، ويعزز الاستثمار في المشاريع الخضراء والمستدامة، واستخدام التقنيات التي تساعد على انخفاض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون.
في نفس السياق، أكد المدير العام رئيس مجلس الإدارة أن الدول محدودة ومتوسطة الدخل تتأثر بشكل غير متناسب بتأثير تغيرات المناخ، على الرغم من مساهمتها المحدودة في زيادة مخاطر تغيرات المناخ، مبيناً أن هذه الدول غالباً ما تفتقر إلى الموارد والبنية الأساسية والتقنيات الحديثة اللازمة للتكيف مع آثار تغيرات المناخ والتخفيف من آثارها.
من جانب آخر، أشار الدكتور الحميدي أن النمو الملحوظ في حجم التمويل المستدام في أسواق المال العالمية يعكس الاهتمام المتزايد بالتمويل الأخضر والمستدام، مشيراً إلى آخر الإحصائيات التي تبين أن إجمالي حجم التمويل المستدام على المستوى العالمي بلغ 391 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 1.4 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي قدره 19.2 في المائة خلال الفترة 2022-2028، عازياً هذا النمو إلى أربعة عوامل رئيسة، هي: زيادة الوعي بتغير المناخ والحاجة إلى الاستثمار المستدام، والسياسات الحكومية، وتزايد الطلب على المنتجات والخدمات المستدامة، وزيادة توافر المنتجات المالية الخضراء والمستدامة.
أشار الحميدي إلى أهمية تواجد النظرة الشمولية في مواجهة تحديات المناخ، مبيناً أنه لا يمكن فصل سياسات تعزيز التمويل المستدام ومواجهة مخاطر تغيرات المناخ عن قضايا أمن الطاقة، لإتاحة الاستثمارات وإطلاق الابتكارات والصناعات التي تُعد محركات لتوفير الوظائف والنمو الشامل للجميع والرخاء المشترك للاقتصادات بأكملها. كما حذر معاليه من الدفع لتَبنّي سياسات مستعجلة أو غير واقعية – خاصة للدول النامية والمنخفضة الدخل – لتخفيض الانبعاثات، من خلال إقصاء مصادر طاقة رئيسة أو إهمال الاستثمار فيها، مما يؤدي إلى تحديات غير معهودة وأثر غير متكافئ على المجتمعات والدول منخفضة الدخل.
في هذا السياق، أكد الدكتور الحميدي على أن أمن الطاقة، والاستثمار في مجموعة واسعة من مصادر الطاقة، والدعم العادل للدول الفقيرة، وتكامل التمويل الأخضر والمستدام، والاستجابة لتغيرات المناخ، هي جوانب مترابطة تشكل مشهد الطاقة العالمي. تدعم هذه العناصر مجتمعة التحول نحو مستقبل مستدام قابل للإستمرار. مبيناً أن أمن الطاقة يعتمد على استثمارات متنوعة في مجال الطاقة، وتحقيق التوازن بين مصادر الطاقة المتجددة والمصادر التقليدية.
في الختام، أبرز الدكتور الحميدي أن صندوق النّقد العربي يولي اهتماماً بالغاً بمواضيع التمويل الأخضر والمستدام وتداعيّات تغيّرات المناخ على القطاع المالي والمصرفي وتطبيق المعايير البيئيّة والمجتمعيّة والحوكمة في الأنشطة الماليّة، والسياسات الاستثماريّة في دولنا العربيّة، بما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز أمن الطاقة، مشيراً إلى قيام الصندوق بتنظّيم عدد من ورش العمل والدورات التدريبيّة، إلى جانب إصادر أدلّةً إرشاديّة، وبحوثاً ودّراسات متخصِّصة في الموضوع، بالتعاون مع السلطات في الدول العربيّة، ومع المؤسّسات الماليّة الدوليّة، منوهاً أن نجاح شبكة التمويل الأخضر والمستدام في الدول العربية يعتمد على التعاون المشترك والبنّاء، من خلال المناقشات وتبادل الأفكار والخبرات، في مجال التمويل الأخضر والمستدام من أجل مستقبل أكثر استدامة وازدهاراً لدولنا العربية.
أخيراً، ثمّن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة، على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.