بنك QNB يكشف عن توقعاته للتجارة العالمية خلال عام 2024
توقع بنك قطر الوطني QNB أن تسجل التجارة العالمية نموا متواضعا وأداء ضعيفا في 2024، نتيجة التعافي المتواضع في قطاع التصنيع، وزيادة العوائق التجارية، وتباطؤ الاستثمارات في الأسواق الناشئة.
وقال البنك في تقريره الأسبوعي، إن التجارة الدولية تعكس صورة مباشرة لحالة الاقتصاد العالمي، فهي تبين مدى إقبال المستهلكين على شراء السلع النهائية، فضلا عن حاجة الشركات إلى السلع الوسيطة والرأسمالية، وبالتالي، فإن أحجام التجارة تتقلب وفقا لدورات التوسع والانكماش في الاقتصاد العالمي، وهي تعتبر من المؤشرات المفيدة للغاية لأوضاع الاقتصاد الكلي.
وأضاف التقرير، خلال السنوات الخمس الماضية، شهدت تقلبات ملحوظة، بعد الانهيار الحاد في أحجامها في 2020، والناتج عن صدمة كوفيد19، وكان الانتعاش القوي خلال 2021 عاملا رئيسيا في التعافي من الجائحة، ومع ذلك، شهد 2022 تباطؤا حادا في النشاط التجاري وسط بيئة صعبة تتمثل في تصاعد أسعار الفائدة، وارتفاع معدلات التضخم، وتزايد الحمائية.
وأشار إلى أن نمو التجارة في 2023 كان مخيبا للآمال، حيث تشير أحدث التقديرات الأولية إلى تراجع بنسبة 0.3 بالمئة، وخلال الأربعين عاما الماضية، لم يحدث تراجعا في نمو التجارة إلا في 2009، نتيجة الأزمة المالية العالمية، وفي 2020 إبان الجائحة.
وأوضح التقرير أنه رغم أن نمو التجارة سيتعافى إلى حوالي 2.8 بالمئة هذا العام، إلا أن هذا أقل بكثير من المتوسط التاريخي طويل الأجل، الذي بلغ 4.6 بالمئة خلال الفترة 2000-2022.
وعزا ذلك إلى 3 عوامل دورية وهيكلية من شأنها أن تحد من التعافي إلى مستوى أقل من المتوسط التاريخي، وهي: أولا، يقترب ركود التصنيع العالمي من نهايته، لكن التعافي منه سيكون محدودا، فقد ظل نشاط القطاع ضعيفا طوال 2023، وحدث هذا الركود نتيجة مجموعة عوامل، منها تحول أنماط الاستهلاك نحو الخدمات بعد فترة الجائحة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتشديد الأوضاع المالية، وتعافي التصنيع الصيني بشكل أضعف من المتوقع، إلا أن هذه الرياح المعاكسة بدأت تتلاشى تدريجيا في الوقت الراهن، ووصل انكماش القطاع لأدنى مستوياته.
ويتوقع أن يتعافى التصنيع العالمي على خلفية الأوضاع المالية الميسرة، وانخفاض معدلات التضخم، وقوة أداء الاقتصاد العالمي، وسيكون محدودا بسبب استمرار ارتفاع المخزونات، حيث سيؤثر السحب من المخزونات على نشاط التصنيع حتى تعود مستويات المخزون إلى طبيعتها، إضافة إلى ذلك، لا تزال المؤشرات الاستشرافية تشير إلى نمو أقل من الاتجاه العام، ولذلك، فإن تعافي القطاع لن يقدم سوى دفعة متواضعة لنمو التجارة العالمية العام الحالي.
ثانيا، تستمر السياسات الحمائية والحواجز التجارية في التزايد بشكل مطرد على المستوى العالمي، حيث ارتفع عدد القيود التجارية الجديدة في جميع أنحاء العالم من مستويات أقل من 1000 سنويا قبل 2019 إلى أكثر من 3000 قيد جديد في 2023، علاوة على الأشكال التقليدية للقيود، بدأت الحواجز أمام التجارة في اتخاذ شكل جديد، حيث تؤدي جهود التخفيف من آثار تغير المناخ إلى زيادة التدابير غير الجمركية التي تنطوي على قيود غير مباشرة جديدة على التجارة.
وقد تتضمن التدابير غير الجمركية المستندة إلى تغير المناخ شروطا تتعلق بمعايير الانبعاثات للآلات والمركبات، ولوائح كفاءة الطاقة، ومتطلبات البصمة الكربونية، سيما وأن الأمم المتحدة حددت 2366 من التدابير غير الجمركية المتعلقة بالمناخ والتي تنظم تعاملات تجارية بقيمة 6.5 تريليون دولار، أو 26.4 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية.
ثالثا، يشير تباطؤ نمو الاستثمار في الأسواق الناشئة إلى وجود رياح معاكسة كبيرة لنمو التجارة العالمية، حيث يعتمد الاستثمار في الأسواق الناشئة على الواردات بشكل أكبر من مكونات الطلب الأخرى، خاصة فيما يتعلق بتجارة السلع الرأسمالية، وفي السنوات السابقة، كان النمو الاستثماري مدعوما بالتوسع الائتماني القوي، وتدفقات رأس المال، والتحسينات في معدلات التجارة، والإصلاحات الرامية إلى تعزيز مناخ الاستثمار.
وبلغ خلال الفترة 2000-2010، متوسط نمو الاستثمار في الأسواق الناشئة 9.4 بالمئة، لكنه انخفض لاحقا إلى 4.8 بالمئة خلال الفترة 2011-2021، وكان تباطؤا واسع النطاق في جميع مناطق الأسواق الناشئة، بسبب الديون، وارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، وإعادة التوازن في الصين نحو الاستهلاك والابتعاد عن الاستثمار والصادرات.
وخلص التقرير إلى أن هذا الاتجاه السلبي سيستمر، مؤكدا أن تباطؤ استثمارات الأسواق الناشئة يشير إلى رياح معاكسة كبيرة للتجارة العالمية هذا العام.