خبير اقتصادي: ارتفاع الذهب لمستوىات قياسية نتيجة لتنويع الاحتياطيات العالمية بعيداً عن الدولار
تشهد الأسواق العالمية ارتفاعاً حاداً في سعر الذهب مما يعكس تحولاً كبيراً في مسارات الاستثمار بالأصول الآمنة، وذلك نتيجة للمخاوف المالية المتزايدة والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة عالمياً.
وقال الخبير الاقتصادي الدولي محمد العريان إن صعود أسعار الذهب إلى مستوى قياسي جديد يعكس توجه المؤسسات المالية العالمية إلى تنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار الأمريكي.
وصعدت أسعار سبائك الذهب إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، مسجلة حوالي 2758.49 دولاراً الأربعاء الماضي، مع تركيز المستثمرين على المخاطر الاقتصادية الرئيسية مثل الاضطرابات المستمرة في الشرق الأوسط والانتخابات الأمريكية المنتظرة في الأسابيع المقبلة. صعد سعر المعدن النفيس 32% العام الحالي، متفوقاً على مكاسب مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» التي بلغت 23%.
وأوضح العريان، رئيس كلية “كوينز” في جامعة “كامبريدج” خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرج: “عندما نحاول ربط التحركات في سعر الذهب العام الجاري بالمتغيرات الاقتصادية التقليدية – مثل أسعار الفائدة والدولار – نجد أن العلاقات لم تعد كما كانت في السابق”.
وأضاف العريان أن هذا التحرك “طويل الأمد” يمكن أن يعود إلى محركين أساسيين: “أولاً، تنويع احتياطيات البنوك المركزية حول العالم بعيداً عن الدولار الأمريكي. ثانياً، التنويع التدريجي في أنظمة المدفوعات بعيداً عن العملة الخضراء”.
وتابع العريان: “رغم أن التحرك بطيء، فإن الأخبار السيئة هي أن الزخم آخذ في التصاعد”.
وأشار العريان إلى أن الأحداث الأخيرة عززت من سرعة هذا الاتجاه نحو الذهب. ومن أبرز هذه الأحداث قدرة روسيا على الحفاظ على علاقاتها التجارية والنمو رغم استبعاد بنوكها الكبرى من نظام شبكة “سويفت” العالمية للمدفوعات المالية. بينما تظهر بيانات “سويفت” الأخيرة أن حصة الدولار الأمريكي في المدفوعات الدولية بقيت مستقرة نسبياً في السنوات الأخيرة، إذ بلغت أقل من 50% بقليل، وتفوقت بشكل كبير على العملات الأخرى، إلا أن المعاملات باليوان الصيني ارتفعت خلال الشهور الأخيرة.
أما الحدث الآخر فهو الأوضاع في الشرق الأوسط، إذ ذكر العريان أن عدداً من الدول يعتبر الولايات المتحدة دولة “داعمة غير متسقة مع مبادئها” على صعيد قضايا حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي.
وقالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن سعر الذهب سجل ارتفاعا بنسبة 38% خلال العام الجاري حيث تجاوز 2700 دولار للأونصة “الأوقية” مما أدى لزيادة ملحوظة في اهتمام المستهلكين والمستثمرين بالمعدن الأصفر كملاذ آمن، بينما تسعى العديد من البنوك المركزية لتعزيز احتياطياتها منه في ظل عدم استقرار النظام المالي العالمي.
ووفقا للصحيفة، يلعب رؤساء البنوك المركزية بالعالم دورا محوريا في ارتفاع سوق المعدن الأصفر، حيث زادت حصته باحتياطياتهم إلى 11% خلال العام الماضي، ويُظهر هذا الاتجاه استعدادا متزايدا لمواجهة الظروف الاقتصادية غير المستقرة واعتماد الذهب ملاذا آمنا.
وذكرت إيكونوميست أن الحرب الروسية الأوكرانية دفعت البنوك المركزية إلى إعادة تقييم إستراتيجياتها الاحتياطية، وزيادة احتياطيات الذهب، وهو ما حدث في دول مثل سنغافورة وبولندا. كما أن الدول النامية تركز على تحسين إستراتيجياتها الاحتياطية بالإقبال على الذهب كخيار استثماري آمن وموثوق به.
وختمت إيكونوميست بأنه من المتوقع أن يستمر إقبال البنوك المركزية والمستثمرين على الذهب، وأن يتواصل ارتفاع أسعاره، مما يعزز من مكانته كملاذ آمن، وأحد الأصول الأكثر موثوقية في ظل تصاعد المخاوف بشأن التضخم والتوترات الجيوسياسية.