الفيدرالي يلمح إلى إبطاء دورة خفض أسعار الفائدة.. هل انقلب السحر على الساحر؟
في الوقت الذي كانت الأسواق والمستثمرون يتوقعون أن يقدم الفيدرالي الأمريكي على خفض إضافي لأسعار الفائدة في الفترة المقبلة، صرح جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، بأن البنك لا يسعى بشكل عاجل إلى اتخاذ خطوة جديدة لخفض الفائدة، بسبب “النمو الاقتصادي المستمر وقوة سوق العمل”.
وارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 2.6% خلال شهر أكتوبر الماضي، مقابل 2.4% في سبتمبر 2024.
وكشف باول أن مجلس الاحتياطى الفيدرالى من المرجح أن يخفض سعر الفائدة الرئيسى ببطء فى الأشهر المقبلة، بعدما أظهر التضخم علامات من الاستمرارية، ما دفع مسئولى البنك إلى مراقبة معدلاته قبل اتخاذ أى قرار. وقال إن التضخم يقترب من هدف «البنك المركزى» البالغ 2%، لكننا لم نصل إليه بعد.
وفى الوقت نفسه، أشار باول إلى أن الاقتصاد قوي، وأن صانعى السياسات يمكنهم أن يأخذوا وقتهم لمراقبة مسار التضخم. وفى تصريح قد يشير إلى بقاء تكاليف الاقتراض أعلى لفترة أطول لكل من الأسر والشركات، قال باول إن النمو الاقتصادى المتواصل وسوق العمل القوية، والتضخم الذى يظل أعلى من المستهدف عند 2%، يعنى أن البنك لا يحتاج إلى التسرع فى خفض أسعار الفائدة.
انقلب السحر على الساحر
وكان جيروم باول قد قال مطلع شهر أكتوبر الماضي إن البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة “بمرور الوقت”، مؤكداً مجدداً أن الاقتصاد ككل لا يزال قوياً. وأعاد باول التأكيد على ثقته بأن التضخم سيواصل التحرك نحو هدف البنك المركزي البالغ 2%، مشيراً إلى أن الظروف الاقتصادية تهيئ الساحة لمزيد من انخفاض الضغوط التضخمية، وذلك قبل قبل أن ينقلب السحر على الساحر ويعاود التضخم الارتفاع.
تعليقات على تصريحات باول
وتعليقاً على هذه التصريحات قال باولو فون شيراك، رئيس معهد السياسة العالمية والخبير الاقتصادي في واشنطن إنه يتفق مع رئيس الاحتياطي الفدرالي وقراره بعدم خفض سعر الفائدة، “لكن لا أحد يمكن أن يتنبأ بما سيحدث في المستقبل بسبب الديناميكية الاقتصادية المستمرة”.
وأوضح شيراك أن اتخاذ القرارات مرهون بالاستقرار وعدم وقوع أزمات أو أحداث تربك الوضع الاقتصادي من حروب في الشرق الأوسط أو أوكرانيا مثلا، “فكل هذه الأمور تؤثر على الاقتصاد العالمي والأمريكي”.
وأضاف شيراك أن ترامب وعد الناخبين بنمو اقتصادي سريع وإحدى طرق تحقيق ذلك هي خفض سعر الفائدة، فهذا التخفيض ينشط الاقتصاد وسيساعد الناس على الحصول على قرض مالي أو شراء منزل أو سيارة.
لكن رغبات ترامب، بحسب رئيس معهد السياسة العالمية والخبير الاقتصادي، قد لا تتحقق بسبب سياسات البنك الفيدرالي والذي هو كيان مستقل لا يتبع للإدارة الأمريكية ويتصرف باستقلالية، ويقول “من الناحية الفنية والقانونية لا يوجد رئيس أمريكي يستطيع أن يفرض إرادته على البنك المركزي”.
ويقيم مسئولو الاحتياطي الاتحادي والمستثمرون مدى تأثير استمرار قوة الاقتصاد الأمريكي وعدم الوضوح فيما يتعلق بقائمة الأولويات الاقتصادية لإدارة الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، خاصة ما يتصل بتخفيضات الضرائب والرسوم الجمركية والحملة على الهجرة، على النمو الاقتصادي والتضخم.
وتشمل نقاط القوة في الاقتصاد معدل بطالة منخفضا يبلغ %4.1 ونمو سنوي وصفه باول بأنه “متين” يبلغ 2.5 %، وهو ما يظل أعلى من تقديرات الاحتياطي الاتحادي لقدراته الكامنة وإنفاق المستهلكين المدفوع بارتفاع الدخل المتاح للإنفاق، والاستثمار التجاري المتزايد.
وقال باول إن البنك المركزي ما زال واثقا في استمرار عملية خفض التضخم، لكنه أيضا يقف على أهبة الاستعداد مراقبا أمورا مثل تكاليف الإسكان.
وأضاف إن الجوانب الرئيسية للتضخم “عادت إلى معدلات أقرب إلى تلك التي تتوافق مع أهدافنا… نحن نراقب عن كثب للتأكد من أنها ستعود… التضخم يقترب كثيرا من هدفنا في الأمد البعيد البالغ 2%، لكنه لم يبلغ ذلك بعد”.