صندوق النقد الدولي: تحسن ملحوظ في معدلات نمو الاقتصاد المصري بفضل برنامج الإصلاح

أكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن القرارات التجارية والتعريفات الجمركية الأمريكية الأخيرة سيكون لها تأثير مباشر محدود على اقتصادات مثل مصر، نظراً لاعتمادها التجاري المحدود نسبياً على الولايات المتحدة، ولكنه شدد في الوقت نفسه على أهمية الانتباه للتأثيرات غير المباشرة المحتملة عبر قنوات متعددة.
وأوضح أزعور خلال مؤتمر صحفي أن هذه التأثيرات غير المباشرة قد تشمل التأثير على الاستقرار المالي وتدفقات رأس المال، مشيراً إلى اتساع هوامش العائد على السندات في السنوات الأخيرة مما قد يؤثر على قدرة الاقتصادات الناشئة والبلدان متوسطة الدخل ذات مستويات الدين المرتفعة على الاقتراض.
وأضاف أن التأثير المحتمل الثاني يتمثل في التأثير على سوق النفط، حيث لوحظ بعض التراجع في أسعار النفط الحالية والآجلة، أما التأثير الثالث فيتعلق باحتمالية حدوث تحويل في مسارات التجارة العالمية، منوهاً إلى أن دولاً مثل باكستان والأردن لديها انكشاف تجاري أكبر على الولايات المتحدة وتمثل حالات خاصة.
وكشف أزعور عن تحسن آفاق النمو الاقتصادي في مصر، حيث يتوقع الصندوق نموا بنسبة 3.8% للسنة المالية 2025 مقارنة بـ 2.4% في العام المالي 2024، مع استمرار التحسن ليصل إلى 4.3% في السنة المالي 2026.
وعزا أزعور هذه التطورات الإيجابية، رغم الصدمات المتعددة، إلى تطبيق برنامج الإصلاح الذي يدعمه صندوق النقد الدولي والذي تم تعزيزه في مارس الماضي لمساعدة مصر على مواجهة الصدمات الخارجية، لا سيما تراجع إيرادات قناة السويس.
وأشار إلى أن البرنامج يرتكز على أربع ركائز أساسية تتضمن استقرار الاقتصاد الكلي عبر مواجهة التضخم الذي يشكل القضية الرئيسية للاستقرار الاقتصادي، وذلك من خلال تشديد السياسة النقدية، متوقعا انخفاض متوسط التضخم من 33% في السنة المالية 2024 إلى 19.7% في 2025، وصولا إلى 5% في 2026.
وذكر أذعور أيضا، أن معالجة قضية الدين من خلال تحسين الفائض الأولي، وتطبيق استراتيجية نشطة لإدارة الدين، وتعزيز مؤسسات إدارة الدين لخفض عبء الدين وخدمته تدريجيا على الاقتصاد، وحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية ويتم ذلك عبر الحفاظ على مرونة سعر الصرف، التي أثبتت فائدتها لاستقرار الاقتصاد المصري في أوقات عدم اليقين المرتفع، وأخيرا تنمية الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص وتشجيع السلطات على تعزيز وتسريع استراتيجية الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات وإعطاء مساحة أكبر للقطاع الخاص، مما يوفر فرصا أفضل للاقتصاد والمواطنين المصريين في وقت تتطلب فيه التغيرات الدولية تسريع التحول الاقتصادي.
وفيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، أوضح أزعور أن التأثير المباشر للصدمات التجارية محدود، لكن تراجع أسعار النفط يمثل تحديا، خاصة وأنه يأتي في وقت يتوقع فيه استئناف زيادة إنتاج النفط بوتيرة أبطأ مما تقرر في اتفاق “أوبك بلس” لشهر ديسمبر.
وأشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها أسس اقتصادية ومستويات احتياطيات مختلفة، وبالتالي لا توجد نقطة تعادل واحدة لسعر النفط في الموازنة تناسب جميع الدول، وقدر الصندوق أن انخفاض سعر النفط بمقدار 10 دولارات للبرميل يمكن أن يضعف الوضع المالي بما يتراوح بين 2.3% و2.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وله تأثير مماثل على الحساب الخارجي.
ومع ذلك، أشاد أزعور بالدول التي استغلت الفرصة لتنفيذ استراتيجيات التنويع، ليس فقط لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل، ولكن أيضا لتنويع الإيرادات المالية وتقليل تأثير تقلبات إيرادات النفط، مشجعا الدول الأخرى على أن تحذو حذوها.
واختتم أزعور بالتأكيد على أن المنطقة تقف على مفترق طرق دقيق، وأن التحولات الجيوسياسية والاقتصادية تتطلب من دول المنطقة البحث عن فرص جديدة عبر تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع جيرانها ومع بعضها البعض، مما يستدعي طريقة جديدة لزيادة الترابط والتعاون الإقليمي.