البنوك العالمية تواجه حالة من عدم اليقين الاقتصادي رغم هدنة رسوم ترامب الجمركية

وجدت البنوك العالمية الكبرى نفسها أمام موجة جديدة من عدم اليقين الاقتصادي بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجميد الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما مع الإبقاء على موقف متشدد تجاه الصين.
وعلى الرغم من أن القرار يمنح البنوك راحة قصيرة الأجل، ما زال الحذر يسود المشهد؛ حيث تعد البنوك العالمية خطوة ترامب مجرد إعادة تقييم استراتيجية، لا تحولاً حاسماً في سياساته.
وتشير أحدث البيانات إلى أن هذه التهدئة أدت إلى ارتفاع طفيف في أسهم البنوك الأمريكية، ما يعكس تفاؤلاً حذراً لدى المستثمرين.
ومع ذلك، فقد أعرب كبار مسئولي البنوك عن قلقهم، وأكدوا أن الإعفاء الجمركي المؤقت ليس حلا، محذرين من استمرار المخاطر المرتبطة بالمواجهة التجارية مع الصين.
مخاطر متنوعة
وقال خبراء مصرفيون إن هناك فرقاً كبيراً بين توقف القتال ووقف إطلاق النار؛ وهذا أمر بالغ الأهمية للقطاع المصرفي الأمريكي. فالبنوك لم تخرج بعد من المأزق، والرسوم لا تزال سارية على الصين، ثالث أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.
ويرى المصرفيون أن هذا المشهد قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية وزيادة في معدلات التضخم، ويشير أيضاً إلى “قلق متزايد من المخاطر الائتمانية واحتمال عجز المقترضين عن السداد.
ويعتقد مصرفيون أن المخاطر، سواء المعروفة أو غير المتوقعة، لم تتلاش بعد؛ لذلك، فإنهم يحذرون من أن أي تقلبات مفاجئة في السوق قد تثير ذعر العملاء، ما قد يدفعهم لسحب ودائعهم، وبالتالي تهديد السيولة البنكية.
واشاروا إلى تساؤلات جدية داخل القطاع المصرفي بشأن سلوك المقترضين، سواء من الشركات أو الأفراد.
وقالوا إذا شعر المقترضون بالقلق واضطروا إلى زيادة الاقتراض، فإن المخاطر الائتمانية، بما في ذلك الديون المعدومة، ستتزايد. من جهة أخرى، إذا قرروا سداد قروضهم مبكرا وتقليص الإنفاق الرأسمالي، فقد تتأثر إيرادات البنوك سلبا.
ولم يتوقف القلق عند البنوك الأمريكية فقط، بل امتد إلى النظام المصرفي العالمي بأكمله.
فعلى المستوى الدولي، أفادت شركات مالية أوروبية وآسيوية بأن تجميد الرسوم الجمركية أسهم في تحسين طفيف في معنويات العملاء، خصوصا أولئك المعتمدين على التصدير.
لكن القلق مستمر، لا سيما وأن الرسوم المرتفعة على الصين توحي بأن البيت الأبيض لا يعتزم التراجع عن مواجهته مع بكين، ما يثير المخاوف لدى البنوك الممولة للائتمان التجاري مع السوق الصينية.
ووفقا لما أعلنه معهد التمويل الدولي، فإن البنوك العالمية تواجه مخاطر إضافية تقدر بنحو 4.2 مليار دولار نتيجة الرسوم المرتبطة بالصين، ما دفع عديد من المؤسسات الأمريكية والأوروبية إلى تشديد قواعد الائتمان الممنوح للشركات المتعاملة مع السوق الصينية.
ويتوقع خبراء أن تتجه البنوك إلى إعادة هيكلة استراتيجياتها التمويلية، من خلال تقليص انكشافها على الصين وزيادة تمويل الشركات في الأسواق الآسيوية البديلة، مثل فيتنام والهند وماليزيا.
ويأتي هذا التوقع في ظل تقديرات تشير إلى تحول ما بين 6-9% من التجارة العالمية من الصين إلى جنوب شرق آسيا بحلول نهاية العام.
وربما منح قرار ترامب بتجميد التعريفات الجمركية لمدة 90 يوماً فرصة مؤقتة للبنوك الأمريكية والعالمية لالتقاط الأنفاس؛ لكن السياسة الاقتصادية الأمريكية ما زالت تميل إلى التصعيد مع الصين، ما يعني أن أمام القطاع المصرفي العالمي مهلة للتكيف، لا للاسترخاء.